دراسة تسلّط الضوء على تمثيل النساء في الأحزاب السياسية اللبنانيّة قبيل انتخابات 2026
برعاية دولة رئيس مجلس الوزراء نواف سلام، أطلقَت هيئة الأمم المتحدة للمرأة في لبنان (UN Women) ومكتب المنسقة الخاصة للأمم المتحدة في لبنان (UNSCOL) دراسة محورية بعنوان: "المرأة اللبنانية: من المشاركة السياسية إلى القيادة الحزبيّة".
تُعدّ هذه الدراسة الأولى من نوعها، ذلك انها تسلّط الضوء على تمثيل النساء ضمن ثمانية من أبرز الأحزاب السياسية في لبنان. وتكشف عن التقدّم المحقق والفجوات المستمرة في ما يتصل بعضوية النساء، وترشّحهن، وتسميتهن، ووصولهن إلى مواقع القيادة، كما يضع خطوات عملية واضحة لتعزيز المساواة وتعزيز الديمقراطية قبيل الانتخابات النيابية المرتقبة عام 2026.
مثلت معالي وزيرة الشؤون الاجتماعية حنين السيد رئيس مجلس الوزراء الدكتور نواف سلام حيث القت كلمته بالنيابة عنه، وجاء فيها: "إن تعزيز مشاركة النساء في الحياة السياسية ليس مطلباً حقوقياً فحسب، بل هو شرط لبناء ديموقراطية متوازنة تمنح وطننا صورة أكثر عدلاً وتمثيلاً لتنوعه الاجتماعي والثقافي. إن نجاح أي عملية إصلاحية سياسية يبقى ناقصاً ما لم تكن النساء شريكات كاملات في صياغة المستقبل".
وعلى الرغم من حصول النساء على حقي التصويت والترشح منذ أكثر من 70 عاماً، ما زال تمثيلهن السياسي محدوداً للغاية. فمنذ عام 1953، دخلت 17 سيدة فحسب مجلس النواب اللبناني، ويعكس ذلك المسافة الكبيرة التي لا يزال على البلاد اجتيازها بغية تحقيق تمثيل متكافئ وديمقراطي.
وقالت جينين هينيس بلاسخارت، المنسقة الخاصة للأمم المتحدة في لبنان. "إنّا العوائق موجودة وملموسة. لكن الأمر الجيّد، أنّ الدراسة سلّطت الضوء على أكثر من فرصة للعمل. بدءًا من الأولويات التشريعية والتغيير في السياسات ضمن الأحزاب السياسية، وصولًا إلى مبادرات أوسع، كمثل الدعم المالي أو الآليات المرنة. ولا شك أنه مع اقتراب انتخابات عام 2026، ليس ثمة وقت أنسب لقنص هذه الفرص".
تكشف الدراسة أنّ نسبة النساء في عضوية الأحزاب تتراوح بين 15% و58%، بمعدل وسطي يبلغ 35%. إلا أنّ النسبة تتراجع على نحو حاد في القيادة العليا، حيث لا تتجاوز نسبة النساء في المناصب القيادية المتقدّمة 20%، وتنخفض أحياناً إلى 5% فقط في المراكز التنفيذية العليا. وعلى الرغم من ارتفاع نسبة ترشّح النساء على نحو طفيف من 12.1% عام 2018 إلىى 15.7 % عام 2022، لم يُنتخب سوى خمس نساء أدرجن في اللوائح الحزبيّة، في انتخابات 2022 النيابية.
ويمكن تفسير هذه الأرقام من طريق العوائق الهيكلية، ومن أبرزها: عمليات اختيار المرشحين غير الشفافة والمحصورة ضمن دوائر قيادية ضيّقة، وضعف تطبيق الكوتا الطوعية ضمن الأحزاب، وغياب سياسات داخلية فعالة لمكافحة التحرش الجنسي، وعدم تكافؤ فرص الحصول على التمويل والتغطية الإعلامية، فضلاً عن غياب الترتيبات الصديقة للأسرة.
وقالت السيدة جيلان المسيري، ممثلة هيئة الأمم المتحدة للمرأة في لبنان: "هذه الدراسة مرآة وخريطة طريق في آن. ذلك انها تعكس واقع النساء ضمن الأحزاب السياسية اللبنانية، وتطرح خطوات عملية للمضي قدماً. إنّ تعزيز المشاركة السياسية للنساء ليس مسألة عدالة فحسب، بل هو يعدّ أيضاً تجديد اًللحياة السياسية وتعزيزاً للديمقراطية في لبنان".
وتدعو الدراسة الأحزاب السياسية والمؤسسات والشركاء الدوليين إلى إجراء إصلاحات ملموسة، منها:
• اعتماد تدابير خاصة مؤقتة مثل الكوتا؛
• إرساء آليات ترشيح شفافة وقابلة للتنفيذ؛
• وضع وتطبيق سياسات صارمة لمعالجة العنف والتحرش ضد النساء في السياسة؛
• ضمان وصول عادل للنساء إلى التمويل الانتخابي ووسائل الإعلام.
وتحدّث سعادة سفير بريطانيا في لبنان، السيد هاميش كاول، خلال الإطلاق، قائلاً: "تفخر المملكة المتحدة بشراكتها مع هيئة الأمم المتحدة للمرأة في سبيل تعزيز تمثيل النساء في الحياة السياسية في لبنان. وانطلاقًا من نجاح المرشحات خلال الانتخابات البلدية الأخيرة، نأمل أن نشهد مزيدًا من التمثيل النسائي في نتائج الانتخابات البرلمانية المقررة في أيار 2026. يشكّل هذا المؤتمر خطوة مهمة نحو تمثيل سياسي أكثر شمولًا في لبنان".
وأكّد سعادة سفير كندا في لبنان، السيد غريغوري غاليغان، على هذا النداء قائلاً: "تفخر كندا بدعم المبادرات التي تُعزز أصوات النساء في الحياة السياسية في لبنان. إن وجهات نظر النساء وأفكارهن وقيادتهن تُسهم في تعزيز الديمقراطية وتساعد المجتمعات على رسم مسار أكثر استقرارًا وازدهارًا. ومع اقتراب الانتخابات النيابية لعام 2026، نشجع جميع الأحزاب السياسية على ترشيح المزيد من النساء وضمان أن تكون أصوات النساء ورؤيتهن فيصلب النقاشات الوطنية. ستظلّ كندا شريكة تلتزم تعزيز المساواة بين الجنسين والحوكمة الشاملة في لبنان".
أُنجزت هذه الدراسة بالشراكة بين هيئة الأمم المتحدة للمرأة ومكتب المنسقة الخاصة للأمم المتحدة في لبنان، وبدعم مالي من حكومة كندا والسفارة البريطانية في لبنان. وهي تقدّم قاعدة بيانات وأدلة مهمّة لتوجيه الإصلاحات. ومع اقتراب الانتخابات النيابية في عام 2026، تشكّل الدراسة فرصة محورية لإطلاق الحوار وبناء حوكمة شاملة؛ بما يسهم في تجديد الحياة السياسية وتعزيز الديمقراطية في لبنان، تماشياً مع التزامات لبنان بموجب اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة (سيداو) والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، فضلاً عن أولويات أهداف التنمية المستدامة، لاسيما الهدف الخامس المتعلّق بتحقيق المساواة بين الجنسين وتمكين النساء بوصفه أولوية ملحّة للسلام والتنمية.